الجزء الاول مسائل فقهية معاصرة في الحج والعمرة 1443

الجزء الاول مسائل فقهية معاصرة في الحج والعمرة 1443

الحج فريضة على كل مسلم عاقل بالغ قادر، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة، وواجب على كل فرد أداء الحج مرة واحدة في العمر ولا مانع من تكرار أداء فريضة الحج إذا استطاع الإنسان ذلك، ودليل فرضية الحج قول الله تعالى في محكم تنزيله.

{وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ } ... [سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ٩٧] ... وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت ".

 يتم أداء الحج بالتوجه إلى مكة المكرمة لأداء أعمال محدودة في الزمان والمكان المحددين شرط أن يكون الإنسان قادراً من الناحية المادية والبدنية وتوفر الأمن والأمان والزاد والراحلة…وتتمثل مناسك الحج بالآتي: 

الإحرام -الطواف بالكعبة -السعي بين الصفا والمروة -الوقوف بعرفة -المبيت بمزدلفة-رمي الجمرات -الحلق -ذبح الهدي -الطواف بالكعبة -رمي الجمرات الثلاث -طواف الوداع.

 لكن الحقيقة أن هناك مستجدات وحوادث ظهرت وتظهر في كل عصر-لم تكن في السابق-مما يفرض على أهل العلم توضيح وبيان الأحكام الشرعية والفقهية المتعلقة بها وكيفية التعامل معها وبعض هذه المسائل والقضايا تتجدد بتجدد أسبابها؛ كتغير أحوال الناس واستحداث مخترعات ووسائل مستجدة في وسائل النقل والملبس وما يحتاج إليه الناس في الحج والعمرة على وجه العموم

 وهنا سنحاول استعراض بعض من تلك المسائل الفقهية المعاصرة والمستجدة كما يلي:

 الحج والعمرة ... مسائل فقهية معاصرة في سفر المرأة للحج أو العمرة دون محرم بالطائرة.

 اختلف أهل العلم والفقه في القضية الفقهية سفر المرأة للحج بدون محرم…إلى عدة أقوال:

 القول الأول: يجب ان يكون مع المرأة محرم أو زوج حتى يستوجب عليها الحج او العمرة وهو قول الأحناف والحنابلة…واستدلوا على ذلك بقول نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم "رواه الشيخان… وفسروا هذا القول على وجه العموم سواء كان السفر لطاعة كالحج أو غيره .

القول الثاني: لا يشترط لوجوب الحج والعمرة وجود المحرم أو الزوج…وهذا قول الشافعية…بل اشترطوا الرفقة المأمونة مع جمع من النساء…ولأنه أيضاً سفر واجب فلا يشترط له وجود المحرم.

القول الثالث: اشترط وجود المحرم أو الزوج، وإن لم يوجد أو امتنع أو عجز، فرفقة مأمونة -رفقة رجال مأمونين أو نساء مأمونات -وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -بجواز سفر المرأة لحج الفريضة -وليس لحج النافلة -جائز شريطة وجود رفقة مأمونة عن أمن الفتنة وأمن الفتنة يحدده الزمان والمكان والراحلة (وسيلة السفر) والرفقة وحال المرأة (شابة أو عجوز). ولذا فهو يختلف باختلاف الزمان والمكان والراحلة والأشخاص والأحوال…والله أعلم.

الحج والعمرة ... مسائل فقهية في لبس الكمامات الطبية 

 مما استجد أيضاً واستحدث في الحج والعمرة هو لبس الكمامات الطبية سواء للرجال أو النساء وقد اختلف العلماء في ذلك:

فالحنفية والمالكية قالوا بحرمة تغطية الوجه وإن حدث ففيه فدية لقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم "لا تخمروا وجهه ولا رأسه، فانه يبعث يوم القيامة ملبيا" وقال رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ذلك عندما مات رجل وهو محرم .

أما الشافعية والحنابلة فيقولون بجواز تغطية الوجه ولا فدية عن ذلك…لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الذي خر عن بعيره ومات "لا تخمروا رأسه" ولم يقل وجهه في رواية…فيما ذكره الشيرازي في المهذب (دار الفكر، ط،269/7) ...وما ترجح هو أن حاجة المحرمين للكمامات الطبية هي لوقايتهم من الأمراض المعدية الطارئة المستجدة عن طريق الهواء والتنفس، فأصبحت ضرورية للحفاظ على النفس، والحفاظ على النفس مقصد أساسي من مقاصد الشريعة.

إذا لبس الكمامات الطبية جائز شرعا للمرأة والرجل على السواء ولا فدية عليها -والله أعلم

 

الحج والعمرة ... مسائل فقهية معاصرة في حج المدين

يجب التوضيح في هذه المسألة أن دين الحاج ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: دين حال وهذا يجب إبراء الذمة منه بالقضاء أولا…. فإن من كانت ذمته مشغولة بالدين لا يجب الحج عليه باعتباره غير مستطيع -لكن لو حج فحجه صحيح.

القسم الثاني: إذا كان الدين غير حال وليست ذمته مشغولة بالدين كالأقساط. اقساط المصارف والشركات. فهذا يحج وليس عليه شيء.

 

الحج والعمرة ... مسائل فقهية معاصرة في استخدام الشمسية او (المظلة)

 إذا قام الحاج المحرم بستر رأسه بثوب أو محمل أو شمسية….

قال الشافعية والحنفية ليس عليه شيء وهو الصواب…لما رواه مسلم في صحيحه عن أم الحصين رضي الله عنها قالت: "حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ".

الحج والعمرة ... مسائل فقهية معاصرة في لبس سماعة الأذن وساعة اليد ولبس النظارة أو الحزام أو ضغاطة اليد أو الحذاء المخروز في الحج

 في هذه المسألة بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما يحرم على المحرم لبسه لما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما -ان رجلا قال: يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب؟ فأجاب عليه رسولنا الكريم بقولة "لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين وليقطعهما أسفل الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه زعفران أو ورس".

إذا من ظاهر الحديث يتبين أن لبس النظارة والسماعة وساعة اليد والحزام وضغاطة اليد أو الرجل والحذاء المخروز بخيوط لا تدخل فيما ذكره الحديث عن الخمسة المحرمة على المحرم لا لفظاً ولا معنى.

 

الحج والعمرة ... مسائل فقهية معاصرة في استعمال الصابون المعطر للمحرم للحج

 في هذه المسألة قال أهل العلم أن الصابون المعطر ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: ما يستخرج منه منظفات البدن والرأس وبخاخ للتطيب منه ومنه الصابون أيضاً، هذا لا يجوز للمحرم استعماله أثناء إحرامه لوجود العطر فيه

القسم الثاني: الصابون المستخدم لتنظيف اليدين وغيرهما…وهذا لا يعتبر عطرا، إنماء القصد منه التنظيف وإزالة الروائح الكريهة…وهذا لا بأس به إن شاء الله.

 

الحج والعمرة ... مسائل فقهية معاصرة في التوكيل في الهدي للمحرم الحج

 قال أهل العلم في هذه المسألة أن الأصل هو أن يقوم الحاج نفسه بذبح هديه ويوزعه على الفقراء والمساكين مع أكل شيئا منه -استحبابا أما بالنسبة للتوكيل فيجب أن يتأكد من أن الوكيل من أهل الثقة والأمانة كي يذبحه ويوزعه للفقراء والمساكين وقد أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بجواز دفعه للبنك الإسلامي وهو بدوره يصرفه لمن يراه مستحق.